كل مبدع طقس خاصّ يرافق عمليّة الإبداع ويغمرها بالدّفء ويتعلّق بالزّمان وبالمكان وبالعادات التي اجترحها وارتاح إليها وصارت جزءا ضرورياً في غرفة الولادة الأدبيّة.
قرأتُ عن كتّاب وشعراء معروفين كانوا يكتبون نصوصهم في المقاهي غير متأثّرين بضجيج الزبائن وثرثرتهم وصراخ نادل المقهى الشّعبيّ، كما قرأتُ عن مبدعين مشهورين كانت عروس الشّعر وحوريّة الإبداع تتسلل دون حياء إلى موائدهم على شواطئ البحار غير عابئة بلهو الشّبّان والصّبايا ومداعبة الأمواج للأجسام التي تتدفّق حياة. وحدّثني مبدعون أنّ أقلامهم وأوراقهم أو آلات الطّباعة لا تستجيب لهم ولا تطيع أناملهم إلا في ساعات الليل، في حين قال آخرون انّ أفضل أوقات الإبداع وخير زمان لميلاد النصّ هي ساعات الصّباح الباكر حيث يكون الدّماغ صافياً وتكون الرّوح رائقة. وأظن بل أعتقد أنّ لكل مبدع عاداته التي تحوّلت إلى جزء من عملية الإبداع. هناك كتّاب وشعراء يكتبون مع فناجين القهوة ويملؤون المنافض بأعقاب السّجائر وقد قال لي أحدهم: قصيدة بدون سيجارة ؟! فأجبته: لم تكن السّجائر معروفة في زمن المتنبّيّ وشكسبير ودانتي. وحدث أن تناولتُ طعام الغداء، قبل سنوات، على مائدة صديق مع مجموعة من الفنّانين المغتربين فتعاطوا الحشيش بعد الطعام وعندما عرضوا عليّ ذلك ورفضتُ استغربوا جداً وقال أحدهم: مبدع ولا يدخن الحشيش ؟؟!!. وقد قرأتُ عن كتّاب وشعراء يكتبون أعمالهم وقد شربوا كؤوساً من التي لا تعرف الأحزان ساحتها فاستغربتُ ذلك لأن الكتابة تحتاج إلى تركيز ولا شكّ بأنّ الخمرة تفسده، وحينما قرأتُ قبل سنوات أنّ الشاعر الأمويّ جريراً شرب جرّة خمر ثمّ باشر بكتابة قصيدته/ نقيضته قلتُ: هذا كلام خياليّ اختلقه الرّواة والمؤرّخون القدماء كعادتهم'.
عرفتُ مبدعين يتجمّلون ويتعطّرون ويرتدون أفضل ملابسهم قبل عمليّة الكتابة في حين علمتُ أنّ هناك من يكتب وهو يرتدي البيجامة وقد طالت لحيته وتطاير شعر رأسه. وعندما زرتُ الاتّحاد السوفييتيّ في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي حدّثني الرفيق أوليغ، مرافقي الروسيّ، عن كاتب كبير من جمهوريّة آسيويّة، إحدى جمهوريّات الاتّحاد السوفييتيّ، نال جائزة الدّولة التّقديريّة فذهب وفد من العاصمة موسكو يضمّ مسؤولين حكوميّين وحزبيّين وكتّاباً وشعراء لزيارته وتهنئته، وفوجئ أعضاء الوفد عندما اكتشفوا أنّ الكاتب الكبير يعيش حياة بدائيّة، فلا طاولة ولا كرسيّ في غرفته، وعرفوا أنه ينبطح على المصطبة، على بطنه، ويضع أوراقه على صخرة ملساء ويباشر الكتابة. وقرّرت الدّولة أن تؤثّث بيته بأثاث عصريّ يلائم مكانته وأن تخصص له غرفة للكتابة فيها ما يحتاجه الكاتب المبدع. ولمّا عاد الوفد بعد سنة لزيارة الكاتب وجدوا أنه قد أخلى الغرفة من الأثاث العصريّ وأعاد الصخرة الملساء.
قرأتُ عن كتّاب وشعراء معروفين كانوا يكتبون نصوصهم في المقاهي غير متأثّرين بضجيج الزبائن وثرثرتهم وصراخ نادل المقهى الشّعبيّ، كما قرأتُ عن مبدعين مشهورين كانت عروس الشّعر وحوريّة الإبداع تتسلل دون حياء إلى موائدهم على شواطئ البحار غير عابئة بلهو الشّبّان والصّبايا ومداعبة الأمواج للأجسام التي تتدفّق حياة. وحدّثني مبدعون أنّ أقلامهم وأوراقهم أو آلات الطّباعة لا تستجيب لهم ولا تطيع أناملهم إلا في ساعات الليل، في حين قال آخرون انّ أفضل أوقات الإبداع وخير زمان لميلاد النصّ هي ساعات الصّباح الباكر حيث يكون الدّماغ صافياً وتكون الرّوح رائقة. وأظن بل أعتقد أنّ لكل مبدع عاداته التي تحوّلت إلى جزء من عملية الإبداع. هناك كتّاب وشعراء يكتبون مع فناجين القهوة ويملؤون المنافض بأعقاب السّجائر وقد قال لي أحدهم: قصيدة بدون سيجارة ؟! فأجبته: لم تكن السّجائر معروفة في زمن المتنبّيّ وشكسبير ودانتي. وحدث أن تناولتُ طعام الغداء، قبل سنوات، على مائدة صديق مع مجموعة من الفنّانين المغتربين فتعاطوا الحشيش بعد الطعام وعندما عرضوا عليّ ذلك ورفضتُ استغربوا جداً وقال أحدهم: مبدع ولا يدخن الحشيش ؟؟!!. وقد قرأتُ عن كتّاب وشعراء يكتبون أعمالهم وقد شربوا كؤوساً من التي لا تعرف الأحزان ساحتها فاستغربتُ ذلك لأن الكتابة تحتاج إلى تركيز ولا شكّ بأنّ الخمرة تفسده، وحينما قرأتُ قبل سنوات أنّ الشاعر الأمويّ جريراً شرب جرّة خمر ثمّ باشر بكتابة قصيدته/ نقيضته قلتُ: هذا كلام خياليّ اختلقه الرّواة والمؤرّخون القدماء كعادتهم'.
عرفتُ مبدعين يتجمّلون ويتعطّرون ويرتدون أفضل ملابسهم قبل عمليّة الكتابة في حين علمتُ أنّ هناك من يكتب وهو يرتدي البيجامة وقد طالت لحيته وتطاير شعر رأسه. وعندما زرتُ الاتّحاد السوفييتيّ في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي حدّثني الرفيق أوليغ، مرافقي الروسيّ، عن كاتب كبير من جمهوريّة آسيويّة، إحدى جمهوريّات الاتّحاد السوفييتيّ، نال جائزة الدّولة التّقديريّة فذهب وفد من العاصمة موسكو يضمّ مسؤولين حكوميّين وحزبيّين وكتّاباً وشعراء لزيارته وتهنئته، وفوجئ أعضاء الوفد عندما اكتشفوا أنّ الكاتب الكبير يعيش حياة بدائيّة، فلا طاولة ولا كرسيّ في غرفته، وعرفوا أنه ينبطح على المصطبة، على بطنه، ويضع أوراقه على صخرة ملساء ويباشر الكتابة. وقرّرت الدّولة أن تؤثّث بيته بأثاث عصريّ يلائم مكانته وأن تخصص له غرفة للكتابة فيها ما يحتاجه الكاتب المبدع. ولمّا عاد الوفد بعد سنة لزيارة الكاتب وجدوا أنه قد أخلى الغرفة من الأثاث العصريّ وأعاد الصخرة الملساء.