مكتب المحامي محمد خضر صلاحات

مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة 829894
ادارة المنتدي مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة 103798

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مكتب المحامي محمد خضر صلاحات

مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة 829894
ادارة المنتدي مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة 103798

مكتب المحامي محمد خضر صلاحات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مكتب المحامي محمد خضر صلاحات

منتدى قانوني متخصص

نرحب بكم في منتديات العدالة والقانون مكتب المحامي محمد خضر صلاحات ونتمنى ان تكونوا من اعضاء المنتدى *** ادارة المنتدى
أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للوطن وأن أؤدي أعمالي بأمانة وشرف كما تقتضيها القوانين والأنظمة وأن أحافظ على سر مهنة المحاماة وان احترم قوانينها وتقاليدها
منتديات العدالة و القانون * تشريعات * نصوص * مبادئ * ابحاث * دراسات* كليات* حقوق انسان* ابداع* تميز * صحافة* سياسة.
مكتب المحامي محمد خضر صلاحات - فلسطين - نابلس - عمارة ابسيس - الطابق الثاني - مقابل بنك فلسطين
للتواصل معنا تلفاكس: 092381093 - جوال: 0598160092

    مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة

    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 369
    تاريخ التسجيل : 06/03/2010
    العمر : 41
    الموقع : www.adala.alafdal.net

    مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة Empty مذكرات نزيه أبو نضال ... من أوراق ثورة مغدورة

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء ديسمبر 31, 2013 10:35 pm

    مذكرات نزيه أبو نضال: هكذا هُزمت الثورة الفلسطينية.

    حاوره: زياد منى.

    يضيء كتاب «مذكرات نزيه أبو نضال: من أوراق ثورة مغدورة» الصادر عن دار قدمس، إلكترونياً، على فترة ذهبية في تاريخ حركة «فتح»، من خلال ما يرويه أبو نضال عن دخوله الحركة ومسيرته فيها، والأحداث التي رافقت ذلك وعاصرها. وتنشر «الأخبار» كلمة ناشر الكتاب زياد منى، الذي حاور أبو نضال، إلى جانب بعض المقتطفات منه.

    عندما دعوت الأخ العزيز نزيه أبو نضال لكتابة مذكراته، كان قصدي في المقام الأول تسجيل تجربتنا في حركة فتح، وهي جزء من التاريخ الشفوي للنضال الوطني الفلسطيني وليست أي أمر آخر. أي، إعلام الأجيال الحالية والقادمة بما حصل فعلاً، ما أوصلنا إلى الحضيض الذي نحن فيه، بعيداً عن أكاذيب وسائل «الإعلام» العربية التي يسيطر عليها التكفيريون التي هي أجهزة تضليل ليس غير. تعذّر على الصديق العزيز التفرغ لكتابة المذكرات، فاقترحت عليه اللقاء وتسجيل حوار معه، أضيف إليه بعض ما لدي من تجارب، فاستجاب مشكوراً وحضر إلى دمشق في نهاية 2010، حيث سجلنا ساعات طوالاً من الحوار عن تجاربه في حركة فتح. المقاطع التالية اخترتها من أقسام مختلفة من الكتاب، من دون العودة إلى الصديق العزيز، وهي لا تلخص محتوى الكتاب، وإنما هي مؤشر على مساره. والكلام كله يعود إلى الأخ العزيز نزيه.
    معلومات النشر:

    عنوان الكتاب: مذكرات نزيه أبو نضال: من أوراق ثورة مغدورة.
    تأليف: نزيه أبو نضال.
    الناشر: دار قدمس للنشر والتوزيع، دمشق.
    عدد الصفحات: 336 صفحة.
    نسخة إلكترونية
    سنة الإصدار: 2011.



    انتهينا من العمل في الكتاب منتصف العام الماضي، وقد تأخر صدوره إلى الآن بسبب الأجواء المحيطة بعملي في دمشق، والأزمة الكبرى التي تعيشها سوريا. وقد قررنا، الصديق نزيه أبو نضال وأنا، ألا ندخل أي تعديلات أو إضافات على النص؛ لأنّه شهادة تاريخية ليس غير، وليس بياناً سياسياً.

    دار قدمس قررت الانتقال تدريجاً إلى عالم النشر الإلكتروني، لأسباب عديدة مرتبطة بعالم النشر في بلاد العرب، سوف نفصلها في مقالات لاحقة. لذا فإنّ هذا الكتاب متوافر بنسخة إلكترونية فحسب، يمكن ابتياعها من الموقع وستتوافر قريباً نسخة خاصة بكل من الآي باد (IPad) وأندرويد (Android) في الموقع ذاته، مع إمكانية صدور طبعة ورقية منه في حال توافُر الطلب عليها.

    البداية... متدرباً في معسكر فتح في معسكر «الهامة»

    فجأة وقع الزلزال الذي عصف بكل شيء. فحين أعلن عبد الناصر استقالته بصوته المتهدج، تأكدنا من الهزيمة، فاندفعنا كما يجب، في تظاهرات 9 و10 يونـيو (حزيران)، في ميدان التحرير، وسط خمسة ملايين مفجوع، وثنينا القائد عن قرار الاستقالة. فكرت بجزم بأنّ عليّ أنا شخصياً أن أفعل شيئاً. لكن كيف؟ كنت أسمع بصورة غامضة، في أوساط الطلبة الفلسطينيين، عن منظمة فدائية اسمها «فتح»، لها جناح عسكري اسمه «العاصفة»، وبدأت رحلة البحث عن فتح، للالتحاق بالعاصفة: لن أكون رجلاً إذا لم أقاتل!

    في اليوم التالي لوصولي إلى دمشق، جاءنـي إلى الفندق عاطف أبو بكر، وأخذنـي إلى مكتب الـ23، القريب من «ساحة السبع بحرات»، حيث التقيت بأبو اللطف (فاروق القدومي)، وبقيت في الإعلام بضعة أيام أساعد الشباب، وعلى رأسهم الشاعر فتى الثورة (سعيد المزين) انتظاراً لانتقالي إلى معسكر الهامة، لأبدأ هناك الدورة التدريبية العسكرية.

    في شتاء عام 1967، وصلت إلى معسكر الهامة، قرب دمشق، وهناك التقيت بأبو علي إياد، وفي اليوم نفسه التقيت في الهامة القائد العام أبو عمار (ياسر عرفات). يبدو أن وجود طالب جامعي وشرق أردنـي ومسيحي ترك الجامعة في السنة الأخيرة، ليلتحق مقاتلاً بفتح الفلسطينية، وبخلفياتها الإخوانية، كان مثيراً للفضول وللاهتمام.

    ثم بدأت الدورة التدريبية العسكرية، بقيادة الرائد خالد، وأطلق على دورتنا اسم «دورة الثلج»، نظراً إلى كثافة وحجم الثلوج التي عشنا في صقيعها خلال أشهر الدورة. تدريب عنيف مع نهار طويل يبدأ باكراً مع رفع العلم الفلسطيني على سارية المعسكر، وصولاً إلى نوبات الحراسة الليلية المرهقة. وقد أضفنا إلى رفع العلم، نشيد الصباح الذي ألفتُهُ خلال الدورة الذي أضحى نشيد حركة فتح ومطلعه: بلادي بلادي بلادي فتح ثورة عالأعادي.

    كان المدرِّبون في معسكر الهامة، الرائد خالد القادم من الجيش الأردني، وكان يساعده الرائد مؤمن والهدهد، ولاحقاً جمعة غالي وأبو الخير، وجميعهم قادمون من جيش التحرير الفلسطيني، وحيث كان التدريب على طريقة الجيوش العربية: ركض، زحف، مسيرات، تسلق يومي لجبل شاهق على طريق الهامة سميناه جبل التوبة، وعقوبات لا تنتهي، لأبسط هفوة، بالزحف أو القيام بتدريبات قاسية. وكان الأسوأ، النزول في مجاري مطابخ المعسكر. ثم تدريبات صاعقة، سلاح ألغام، متفجرات، واجبات الحراسة، طوابير الإزعاج الليلية، ثم الصحو المبكر ورفع العلم الفلسطيني، ويوم جديد.

    الطعام كان متواضعاً للغاية، ولا يعوِّض كل ما يبذل من جهد: عسل أسود وزيتون وشاي في الفطور والعشاء، وما تيسر من شوربات وخضار وما يشبه اللحم أحياناً في الغداء. لكن بالطبع لم يكن أحد يشكو، وخاصة أن المساواة كانت تعمّ الجميع، من أبو عمار، لأصغر عنصر متدرب، فلم يكن بعد من امتيازات لأحد.

    آنذاك، كان الأمر يبدو كنوع من التقشف والطهارة الثورية، أما لاحقاً، فقد كانت شقة أبو الزعيم ومفروشاتها في بيروت تفوق مصاريف معسكر الهامة منذ تأسيسه إلى الأبد.

    عموماً، لم تكن هناك خطة واضحة، لا للتدريب العسكري ولا لتمارين اللياقة البدنية، حيث كنا منذ اليوم الأول، كما اليوم الأخير، نركض حتى يتعب المدرب. فلم يكن هناك برنامج تأهيل تدريجي، يراعي قدرات المتدربين، ويطورها خلال أسابيع الدورة.

    في معسكر الهامة كانوا يجعلوننا نركض من المعسكر لنصل إلى دوار معرض دمشق الدولي، أو «ساحة الأمويين»، ثم ندور حوله ونعود ركضاً باتجاه الهامة. هذه المسافة هائلة، وطبعاً نحن كنا مثل النار، متحمسين ونريد أن نتدرب، نريد أن نصل إلى ضفة النهر الثانية من أول يوم، ومن دون أن نتدرب حتى على السباحة، بل كنا نريد أن نقطع البحر سباحة. بالنتيجة، تتورم أرجلنا ويتسلخ لحمنا، ولم نكن نحن ولا مدربونا، مؤهلين أصلاً، أو نعرف ما المفيد من أنواع الرياضة. لم نكن نملك حتى حذاءً رياضياً نركض به. كنت أركض بحذاء الجامعة القديم، ولم أكن معتاداً مثل هذا الجهد البدني. وكما تعرف، فطالب الجامعة معتاد ركوب التاكسيات والحافلات، لا الركض والمشي الطويل والعنيف. كنا نقول للمدربين إنه يوجد شيء اسمه تدرج بالتدريب، دعونا نركض أول يوم 3 كيلو وفي اليوم الثاني 5 كيلو حتى يمتلك جسمنا اللياقة المطلوبة، والأمر نفسه للجهود العضلية التي نبذلها بالزحف والركض والمسيرات... إلخ. خطوة خطوة، حتى نستطيع أن نستمر في التدريب.

    كان بعضنا يسقط، وفي اليوم التالي لا يستطيع أن يركض، لأنه قد تعضّل وتسلخ جلده، فيضطر إلى أن يجلس يومين أو ثلاثة للعلاج. وفي هذه الظروف القاسية، كان الذي يقصّر أو يتأخر، يزحف على الشوك أو يغطس في مجاري ماء المطبخ الوسخة، وكأن هؤلاء المدربين مجموعة ساديّة. وبالأصل كيف صاروا مدربين، ومن هم؟ هم جنود أو ضباط انضموا إلى فتح، حتى إنهم ليسوا مدرّبين في الجيش أصلاً، لكنهم تدربوا بمعظمهم في جيش التحرير، والذي تدربوه طبقوه علينا، لا دراية ولا علم. والمشكلة أنه مع أقل هفوة، وأي غلطة، يوجد كمّ من عقوبات التعذيب الهائلة، الرقصة الروسية، وتمارين الضغط القاسية، والزحف، والمجاري، وغيرها. وتكرر المشهد بعد ذلك في معسكرات التدريب أو التعذيب: الهامة، وميسلون، ومنعم في بغداد.

    والتفصيلة التالية الغبية أن العقاب كان يوقَع بالجميع عند أول خطأ أو هفوة، على طريقة الجيوش النظامية... (العقاب يعم والثواب يخص)، ما شكل عندي ردة عنيفة على كل أساليب التدريب في معسكرات فتح، وعلى فلسفة العقوبات فيها، ما جعلني أذهب إلى تجربة معسكر الـ99 الذي يمنع فيه أي شكل من أشكال العقوبة، مهما كان نوعها، إلا إذا قررها المخطئ بحق نفسه، وفق مبدأ النقد والنقد الذاتـي.

    أعتقد أن الغياب الكامل للتثقيف والعمل السياسي والتعبوي كان من أخطر النواقص والسلبيات في صفوف المتدربين، وقد غابت حتى تدريبات الخطط العسكرية التكتيكية في العمليات الفدائية، فضلاً عن تجارب الثورات الأخرى، واستراتيجيات الحرب الشعبية.

    بعد ذلك، استكملت جزئياً بكرّاسات فتح العشرة، التـي تغطي جوانب من هذا النقص، ولكنّها كانت مقتصرة على التنظيم السياسي، لا على معسكرات التدريب والمقاتلين. حتى إن عاطف أبو بكر، وقد صرنا أصدقاء، كان حين يزورنا في معسكر الهامة يقول لي: هيا بنا نخرّب أخلاق الشباب (يقصد أن نتحدث معهم بقضايا الفكر والسياسة).

    لاحقاً، تطورت الأمور نسبياً في برامج التثقيف السياسي والفكري، كما في «معسكر ميسلون»، شتاء عام 1968، ثم في «معسكر منعم» ببغداد، ربيع عام 1969، كما سأبين. وحين توليت مهمة تأسيس وقيادة معسكر الكوادر 99، في صيف عام 1969 في الأردن، حاولت أن أتجاوز كل هذه السلبيات، مستفيداً من خبراتي متدرباً ومدرباً ومفوضاً سياسياً، كان هذا رد فعل على ذاك. وسأتحدث عن هذه التجربة لاحقاً بشيء من التفصيل، نظراً إلى أهميتها.

    العمليات العسكرية (عملية حيفا)

    كنا على الأغلب، وخاصة في جنوب لبنان، نصعد مشياً من طريق جبل الشيخ، نزولاً إلى الجنوب اللبنانـي، لنكمن في إحدى مغاور وادي قبريخا الكثيف الغابات، وبواسطة أدلاء محليين، نستطلع الأهداف والمستعمرات الصهيونية المراد ضربها. ثم نتحرك ليلاً لتنفيذ العملية، وكنا على الأغلب، نستخدم صواريخ 3,5 بوصة والهاونات الخفيفة، ثم نعود إلى مكمننا، انتظاراً لاستطلاع جديد وعملية أخرى.

    آنذاك، لم نكن نملك الإمكانات والوسائل الكافية لعمليات كبرى باقتحام المستوطنات أو المعسكرات، وكان تحركنا في إحدى الدوريات، لا يعني تنفيذ عملية واحدة بل عدة عمليات، ولكننا لم نكن نستمر طويلاً، خشية اكتشاف موقعنا، سواء من الجيش اللبناني، أو من قوات العدو. كذلك كان هناك مئات المقاتلين في الهامة، ينتظرون دورهم كي يقوموا بعمليات عسكرية، وكان معنى اختيار أية مجموعة، أن تنفجر أكثر من مشكلة ومناحة في المعسكر. فالكل يتشاجر لينال شرف المشاركة في الدورية التالية.

    وبعد تنفيذ كل عملية من جنوب لبنان، كما في قصف مستعمرة هونين أو موشاف مرغليوت بالصواريخ، وهي أول عملية شاركت بها في الجليل الأعلى، كان العدو يسارع بعمليات القصف المدفعي على مناطقنا المفترضة... ما كان يؤدى إلى استنفار قوات الجيش اللبناني الذي اعتقلني أكثر من مرة. حدث ذلك أولاً بعد «عملية هونين». وكانت التعليمات المشددة لنا بعدم الاصطدام مع الجيش اللبناني مهما كانت الظروف، وكانت النتيجة أن وقع عدد من أفراد دوريتنا بيده، فيما تمكن الآخرون من الإفلات.

    وقتها جرت عمليات التحقيق معنا في إحدى الثكن العسكرية في الجنوب، ثم جرى تحويلنا إلى بيروت، حيث سجنت مع المجموعة في «ثكنة الحلو»، على كورنيش المزرعة. بعد عدة أيام، اقترحت على الشباب في السجن، القيام بإعلان الإضراب عن الطعام، لكن بعد تهريب خبر الإضراب من فتحة في شبك السجن. وطبعاً، أبلغنا قيادة الثكنة بقرار الإضراب الذي استمر يومين، ولكن تأثيره كان أسرع مما توقعنا؛ إذ حضر اللواء، ربما كان آنذاك المقدم سامي الخطيب، وأخرجنا من السجن، ثم قام الشيخ محمد علي الجوزو مفتي جبل لبنان الحالي بنقلنا بسيارته إلى دمشق، وفق ترتيب مسبق.

    في حدود إمكانات الحركة آنذاك، جرت استعدادات مهمة لتنفيذ عملية مصفاة حيفا، أواسط عام 1968، وربما توفيراً لأمن المهمة، أرسلت للنقاهة عدة أيام في قاعدة معزولة لحركة فتح في حمورية، وسط الغوطة، عند مسؤول الموقع أبو أحمد، ثم انتقلنا خلسة إلى البقاع اللبنانـي، ومنه إلى بيروت، وأقمنا في شاليهات أولاد ناصر على شاطئ ومسبح الأوزاعي، بتسهيلات منهم. كنا ثلاثة: أنا كخبير صواريخ، وعبد السلام العزة كقائد العملية، وهو شقيق أم سلام زوجة الشهيد ماجد أبو شرار، كما علمت لاحقاً، وثالث لا أذكر اسمه توفي بالسرطان في إحدى دول أوروبا الشرقية.

    حين ركبنا القارب البخاري باتجاه حيفا، اكتفينا بدل معرفة السباحة، بجاكيتات نجاة من الفلّين. كان واضحاً أن أبو علي إياد، والقيادة العسكرية لفتح قد أعدوا للأمر عدته بالتعاون مع أولاد ناصر (خلال تنفيذ عملية فردان، ليلة 10/4/1973، التي استشهد فيها القادة الثلاثة كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار، قامت مجموعة صهيونية أخرى بمهاجمة القاعدة البحرية لفتح في الأوزاعي حيث استشهد الأخوان موسى ويوسف علي ناصر اللذان خرجا من منزليهما لنجدتها).

    أبحر القارب، قطعنا الحدود اللبنانية، ودخلنا المياه الإقليمية الفلسطينية... الآن، ها هي حيفا! تأخذ شكل وطن نريد احتضانه، وتنتصب على هيئة مصافي نفط عملاقة نريد تدميرها وإحراقها. وصلنا قريباً من الشاطئ. ها هي الكاباريهات والكازينوات على امتداد الشاطئ، والسيارات تتهادى جيئة وذهاباً، والناس يتمشون أمامنا تحت مرمى البصر والنار، فمن من هؤلاء المشاة كان إسرائيلياً ومن منهم من عرب حيفا؟

    اقتربنا أكثر. صرنا نسمع الأغاني العبرية من مكبرات الصوت في الكازينوات، وصار بإمكاننا تمييز الوجوه وأصوات السيارات وألوانها تحت الأضواء الكاشفة. بقي أن نجد نقطة عتمة صغيرة لنرسو بقاربنا عليها، وننزل بحمولتنا من الصواريخ والأسلحة، ونتقرب من الهدف: الريفاينري، فقط أن يصير على مرمى البصر، كي أقدّر المسافة وأحدّد زاوية الإطلاق، ثم أوقّت الساعة التي سيبدأ فيها القصف، لنكون نحن على مسافة أمان كافية باتجاه القارب الذي ينتظرنا، جاهزاً للانطلاق ببحاريه في عودة مظفرة، وألسنة اللهب تتصاعد خلفنا في سماء حيفا.

    فقط نحتاج إلى نقطة عتمة، ثم ستضيء الانفجارات حيفا كلها. جاء الآن دور الدليل الحيفاوي، فكانت المفاجأة الكبرى: قال مندهشاً: يا جماعة، ليست هذه حيفا التي أعرفها، تغيرت حيفا كثيراً من عام 1948!.

    فأبحرنا بمحاذاة الشاطئ حتى آخر حيفا، من أولها إلى آخرها، ولم نستطع أن نجد نقطة عتمة صغيرة أو غير مأهولة بالناس والكازينوات والسيارات، وخاصة مع هذه الإنارة، القوية جداً، التي تكشف الظل إذا تحرك على الشارع، فما بالك بمجموعة طالعة من البحر في منطقة غير مخصصة لرسو قوارب الصيد، وهي تحمل صواريخ وبنادق كلاشنيكوف! ثم علينا إذا رسونا في منطقة وكانت أبعد من مرمى الصواريخ، أن نقترب أكثر من الهدف، ونحن نجوس في مناطق مأهولة ومجهولة، ومن دون أن نعرف من سنواجه، وبمن سنلتقي، وأين ننصب صواريخنا.

    كان واضحاً لنا أن أي محاولة للنزول العشوائي على الشاطئ، ستكون فقط عملية انتحارية من دون أن تنجز أي شيء، أو نصل إلى أي هدف! ناقشنا الأمر برويّة، فكان أن اضطررنا إلى لملمة أذيال الخيبة، والدوران على أعقابنا عسى أن نجد في طريق العودة هدفاً بديلاً، كأن نقصف مدينة نهاريا. فأي هدف كان أفضل من الرجوع خِلْوَ الوفاض.

    «هبّة» أهل حماة!

    ذات يوم جمعة، ونحن نعدّ لدورة جديدة في معسكر ميسلون اتصل أبو علي إياد من الهامة ليخبرنا بأن أكثر من 400 متطوع من حماة قادمون للتدريب، وقد علمنا من هؤلاء لاحقاً أنهم كانوا في صلاة الجمعة حين ألقى بهم أحد قادة الإخوان، وهو الشيخ مروان حديد خطبة الجمعة، وكانت عن فلسطين والأقصى واليهود والجهاد في سبيل الله... ما أثار حماسة المصلين إلى حد أنهم رفضوا العودة إلى بيوتهم حيث قرروا الالتحاق فوراً بصفوف المجاهدين، على طريقة التحاق فرسان العرب وقبائلهم بغزوات المسلمين وحروب الفتح.

    أجرى الشيخ حديد اتصالاته بقيادة فتح في الهامة التي أوعزت إلينا باستقبالهم، فوصلوا إلى معسكر ميسلون ليلاً مهللين مكبّرين. استقبلهم قائد المعسكر منذر أبو غزالة بكلمة ترحيبية، وترك لي الكلام عن برنامج المعسكر. كانت حالة الغليان والهتافات المتصاعدة من المتطوعين واضحة إلى حد أنك لو زودتهم بسيوف أو بنادق لاندفعوا بلا هوادة لقتال العدو والاستشهاد في سبيل الله من أجل تحرير المقدسات. رحبت بهم محيياً روحهم الجهادية التي تبشر بمجد الأمة وانتصارها، ثم شرحت لهم برنامج المعسكر التدريبي الذي يستمر لمدة أربعة أشهر ونصف، من الفجر إلى حراسات آخر الليل. قلت لهم بهدوء: «مهمتنا في معسكرات تدريب فتح أن نعدّ مقاتلين مؤهلين لخوض حرب طويلة الأمد ضد العدو، وللقيام بالعديد من العمليات الفدائية، نحن لا نقدم شهادات عبور عاجلة إلى الجنة، ولكن من يستشهد على درب النضال الطويل فهنيئاً له الجنة التي وعد الله بها المجاهدين المؤمنين». كانت الدورة التدريبية تجري في طقس ثلجي قاس، ومع تدريب أقسى، ركض ومسيرات وعمليات زحف فوق الأشواك والمياه المتجمدة...

    لقاء وفتوى السيد محسن الحكيم في العراق

    كنت في بغداد أقوم، كما قلت، بمهمات متعددة، وفق احتياجات الحركة، إضافة إلى التثقيف السياسي اليومي في المعسكر. وحين اقترب موعد عيد الأضحى، وبناءً على تعليمات مركزية، طلبت مني قيادة فتح في العراق، بصفتي مسؤول «الجبهة المساندة لفتح» ولكوني دارسَ أدب عربي، وأعرف جيداً، كما أبدو، القرآن والحديث والفقه، أن أقابل السيد محسن الحكيم في النجف، وهو المرجع الأعلى للشيعة في العالم، لأخذ فتوى منه، بأن تكون أضاحي العيد ذلك العام بديلاً مالياً أو عينياً يقدم إلى حركة فتح. ومعروف أن الشيعة في أي مكان عندما تصلهم فتوى من مرجعهم الأعلى في النجف يلتزمون بها بالكامل.

    وهكذا توجهت إليه ومعي عاطف أبو بكر، الذي كان وقتها في بغداد يكمل دراساته الجامعية. لم يكن أحد في العراق، عدا عاطف يعرف أنني مسيحي، قال لي ضاحكاً: كيف ستتصرف يا نصراني؟ قلت له: اصبر عليّ، سيكون المسيح، وهو الفدائي الأول، معي. وكنت أحمل معي جهاز تسجيل كي نأخذ حديثاً مسجلاً لإذاعة صوت العاصفة. بعد مرورنا على أكثر من شخص للتدقيق الأمني والسؤال عن سبب الزيارة أدخلونا عليه. مهابة غير عادية، حوله أكثر من شخص وعدة مسجلات.

    بعد التحية أخبرته من نحن وماذا نريد، وطبيعة الفتوى المطلوبة لدعم المجاهدين، مستشهداً بما أحفظ من آيات وأحاديث، ولم يكن كما بدا خالي الذهن عن واقع الحال الفلسطيني وعن حركة فتح وقياداتها. فأخذ الميكروفون وبدأ يسجل على مسجلنا وعلى عدة مسجلات حوله لغايات توثيق الكلام، وتوثيق الفتوى. شكرناه مودّعين ومعنا الشريط المسجل، وفوراً إلى بغداد، ومن بغداد انتقلت نسخة من الشريط إلى إذاعة الثورة في القاهرة، وبُثَّت الفتوى أكثر من مرة.

    آنذاك كان مقدار الاستماع إلى إذاعة صوت العاصفة الأعلى بين المحطات العربية، البلاغات العسكرية والبيانات السياسية وأناشيد فتح والثورة الحماسية والرسائل المشفّرة إلى الداخل. أذكر أن السيد محسن الحكيم، أصدر الفتوى يوم الأربعاء، قبيل عيد الأضحى وبُثَّت في اليوم نفسه، ثم كان الطوفان على مكاتب فتح ومكاتب «الجبهة العربية المساندة» لفتح قبل إغلاقها: أموال وذهب وجواهر وهدايا ثمينة ومواد عينية بلا حدود: بطانيات، تمر، أرز، سكر، معلبات، مواد تموينية، ولا أعرف ماذا. كل واحد كان يتبرع لفتح بقيمة ما كان سيضحي به. وأخذت قوافل من الشاحنات تنقل التبرعات من بغداد إلى الأغوار في الأردن، وبعد سد حاجات المقاتلين، كانت الأشياء الفائضة تباع للتجار بمبالغ طائلة.

    منذ كنت أشارك بالعمليات القتالية من جنوب لبنان، منذ أوائل عام 1968 كانت حاضنتنا هناك هي الجماهير الشيعية، كما كانت حاضنتنا في بيروت الجماهير السنية، وجبل كمال جنبلاط الدرزي، والمسيحيون القوميون والتقدميون في الأحزاب اللبنانية من شيوعيين وقوميين سوريين وغيرهم.

    الكرد وفلسطين

    وهناك في العراق كل جماهير العراق وأخص بالذكر الأكراد، وأنا أتذكر، حين كنا في مكتب فتح ببغداد، هجوم المتطوعين الأكراد من أحفاد صلاح الدين الأيوبي الذين جاؤوا ليقاتلوا مع «فتح»، وكانوا يصطفون بالدور، على امتداد كيلومترات عديدة، الناس يسجلون أسماءهم وعناوينهم كي يذهبوا ويقاتلوا في فلسطين، وكان الكثير من الأكراد مؤهلين للقتال حتى عسكرياً.

    إن أحداً لا يمكن أن يتخيل حجم الاندفاع العربي والديني من أجل تحرير فلسطين! ولو كنا آنذاك نمتلك القوى القادرة على استيعاب كل هؤلاء الناس وتنظيمهم في معركة التحرير لربما تغير تاريخ المنطقة والعالم. لكن النظام العربي وقف بين الناس والثورة، وبين الثورة وفلسطين. فكان أن تآكلت الثورة في اشتباكات ملتبسة، إقليمية وطائفية، داخل الأحياء والزواريب الخلفية.

    أبو جعفر الصادق والكفار!

    حين توجهنا إلى الجنوب لإغلاق عدد من المكاتب، كان معي أبو جعفر الصادق نائب معتمد «فتح» في العراق، وأبو جلال المسؤول المالي لها في بغداد. خلال الطريق لا أدري كيف ذكر اسم جورج حبش، فقال أبو جعفر: هذا جاسوس! الأميركان شغلوه وهو في الجامعة الأميركية. لم يهن علي أن يقال عن زعيم حركة القوميين العرب التـي كنت عضواً فيها مثل هذا الوصف، فقلت: جورج حبش مناضل عربي، وإن اختلفنا معه. لكن أبو جعفر وتابعه في المال أبو جلال أصرا على أنه جاسوس، وعلى أن كل المسيحيين جواسيس، فشعرت بالخطر يقترب من رقبتي فاحتميت بميشيل عفلق كزعيم أعلى لحزب البعث الحاكم في العراق... فأفهموني أن كل دعاة الفكر القومي جواسيس، قلت لنفسي: ليس لك إلا جول جمال الاستشهادي السوري المسيحي الذي فجّر قاربه بالبارجة الفرنسية جان دارك. فعسى إذا اكتشف أمري لاحقاً أن أكون ثاني مسيحي عربي ليس جاسوساً، ولكن استشهاد جول جمال لم يشهد له، قال أبو جعفر بسخرية: «إنت بترد على هالحكي! حطّ بالخرج». ولم أدرِ بالضبط ما هذا الذي «أحطّه بالخرج».

    ولأنني كنت في حال الدفاع عن النفس، وعليه قد يهدر دمي، فقد تابعت مستعينًا بالتاريخ: طيب وعيسى العوام الذي حارب مع صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين، قالوا: «هاي سواليف حصيدة».

    فتذكرت واحداً من كوادر فتح الذي كان من أوائل سُجناء فتح من عرب الـ48، واسمه وليَم نصّار. وكان قد أطلق سراحه لاحقاً مع أبو علي مهدي بسيسو، في عملية تبادل أسرى بعد أن سجن لمدة 12 عاماً. قلت لأبو جعفر الصادق متباهياً: وماذا عن وليم نصار؟ مناضل فتح! ومن أوائل سجنائها من أجل فلسطين!! ولكن لا حياة لمن تنادي!! (No Way).

    ولعل هذه الواقعة الغريبة، وهي ليست الوحيدة التـي واجهتها، تكشف كم كانت أعداد من قيادات وكوادر فتح الأولى تنظر بعداء شديد إلى كل ما له علاقة بالفكر القومي، أو له علاقة بأي دين آخر أو طائفة أخرى.

    معسكر الـ99

    التقيت بكمال عدوان في إعلام فتح بجبل اللويبدة قبل انتقاله إلى جبل الحسين، وكنت قد وضعت تصوراً كاملاً لتجربة التدريب الجديدة: المنهاج السياسي والعسكري، فكرة المعسكر، وكيفية بنائه، مؤكداً فلسفته الأساس التي تقوم على النقد والنقد الذاتي، ويمنع فيه أي شكل من أشكال العقوبة.

    فبدأت أحضّر لاختيار مكان المعسكر، واحتياجاته، ووجدت المكان المناسب قريباً من عمان، كان بين بلدتي وادي السير وماحص، وهو عدة مغاور وشجر يغطي مساحات التدريب، ويخفيها عن طائرات العدو (لاحقاً حين أقمنا معسكر الـ99، في مكان قريب، تعرض للقصف لافتقاره إلى مثل هذا الشجر الكثيف الذي حمانا يومها من القصف). في إطار تجهيز معسكر الـ99 طلبت اثنين لمساعدتي كمدربين، أحدهما اسمه جيفارا والآخر أنطون، وكنت قد دربتهما في معسكر الهامة، وأعرفهما جيداً وأثق بقدراتهما العالية كثيراً، والأهم أنني أثق بتجاوبهما مع التجربة الجديدة. ثم لم يلبث بعد ذلك أن انضم أبو نائل (عبد الفتاح القلقيلي) كنائب لقائد المعسكر.

    وكان أن بدأت بهؤلاء: بفكرة وبمدربين، ولا أحد غيرنا على الإطلاق، كان علينا أن نعد ونجهّز معسكراً كاملاً، بما فيه أسلحة الحراسة وذخائر ومتفجرات وأنواع أسلحة ورشاشات التدريب، ومستودعات تجهيزات الملابس والأحذية الرياضية والتموين والتحميل والمطبخ والجلي والتنظيف ونقل الماء، وسيارة جيب قديمة كثيرة الأعطال كان يقودها أنطون، وفشلت في تعلم القيادة عليها. عادة يكون في معسكرات التدريب كادر متفرغ للمهمات الإدارية، ولكنني قلت إنه يجب أن نعتمد على أنفسنا، وعلى الشباب الذين سيأتون للتدريب، عليهم أن يكونوا مسؤولين وأن يتولوا حمل مهماتهم كاملة، هم الذين يطبخون، وهم الذين ينظفون، وينقلون المواد والمياه من بئر بعيدة نسبياً، وكانت ثمة مسافة جبلية وعرة تفصل المعسكر عن آخر نقطة تستطيع سيارة الجيب الوصول إليها، وبات من مهمات الدورات المتعاقبة شق طريق سيارة إلى المعسكر، وهذا ما تحقق بالفعل.

    وسارت الأمور جميعها بأفضل مما خططنا بكثير، كانت تلك عبقرية العمل الجماعي. ولعل ما ساعد على إنجاح التجربة أن مستوى الكادر الذي كان موجوداً، عموماً، كان مرتفعاً: من مسؤولي التنظيم في أنحاء العالم من أميركا ومن المغرب ومن الخليج والسعودية، حضر معظم الكادر القيادي لتنظيم فتح في العالم للمرور بهذه الدورات، وكان أقل مستوى للمشاركة عندنا كان تنظيم طلبة الجامعة الأردنية، وقد أتعبونا قليلاً لأنّهم نقلوا إلى المعسكر سلوكيات الطلبة مع معلميهم، ولكننا تمكنا من استيعاب الأمر ومعالجته. هذا المستوى من المشاركين ساعدنا على اختبار التجربة وإنجاحها من دون صعوبات حقيقية.

    كان برنامج الدورة موزعاً على عدة فعاليات تبدأ بالرياضة الصباحية وتمارين اللياقة البدنية وكانت تسير تدريجاً، إلى جانب المسيرات ثم التدريبات العسكرية، وطوابير الإزعاج الليلية، ودروس العلوم العسكرية: التكتيك والاستراتيجية، والمحاضرات الفكرية والسياسية، التقنيات العسكرية المتقدمة: صواريخ، متفجرات، شراك خداعية، ألغام... إلخ.

    وكان واحد من قادة فتح يحضر كل يوم للحديث عن الوضع السياسي العام ومواقف حركة فتح، ثم يجيب عن أسئلة كوادر الدورة القادمين من مختلف أنحاء العالم. وكان من بين أكثر المشاركين ياسر عرفات وأبو اللطف وخالد الحسن وأبو إياد وكمال عدوان وناجي علوش وماجد أبو شرار وأبو حاتم، وبالطبع إضافة إليّ وإلى أبو نائل.

    خلال أحد اللقاءات سأل أحد الشباب أبو عمار: ما ضمانة أنكم بعد كل هذه التضحيات والشهداء لن تذهبوا إلى تسوية مع الأعداء؟

    فما كان من أبو عمار إلا أن سحب مسدسه الباربللو بهدوء، وأخرج منه رصاصة، وقدمها للسائل قائلاً: إذا فعلت ذلك فأنت مكلَّف قتلي بهذه الرصاصة.

    الإقليمية في تجربة الأردن والخلل السياسي الاستراتيجي

    لعل في مقدمة أسباب الهزيمة في تجربة الأردن والخلل الاستراتيجي السياسي المركزي إقليمية فتح الفلسطينية التي قسمت الشعب الواحد إلى فلسطيني وأردني، كما قسمت المنظمات والاتحادات الشعبية، وحيث اقتصرت عضوية فصائل الثورة تقريباً على الميليشيا الفلسطينية والمقاتلين الفلسطينيين. هذا بالطبع إلى جانب الخراب في الجوانب الأخرى، ومن نماذجها «القواعد الثورية» في الجبل الأخضر برعاية أبو اللطف، وقواعد الشيوخ في الشمال بقيادة الشهيد الكبير أبو جهاد!

    وبالطبع أنا لا أتجاهل هنا الدور الذي أدته قوى وأجهزة النظام الأمنية المضادة التي كانت تعمل كل شيء لحسم ازدواجية السلطة لمصلحتها. في المقابل الافتراضي، لو أن الممارسة الميدانية لقوى الثورة كانت مبنية على رؤية فكرية وتنظيمية عربية لعملية الصراع، وعملت على حسمه بهذا الاتجاه لأمكن تلافي العديد من الكوارث الإقليمية التـي أوصلتنا إلى الهزيمة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 7:45 pm