بقلم: البروفيسور عبد الستار قاسم
إلى السيد محمود عباس
Sunday 03-02 -2008
أسمعك تتحدث عن تراجع حماس عن انقلابها في الوقت الذي يصنع فيه الشعب الفلسطيني حدثا تاريخيا عظيما يتجاوز كل الفصائل الفلسطينية. لأول مرة منذ عام 1967 تت(**)ر الحدود الفاصلة بيننا وبين العرب بإرادة فلسطينية خالصة حرة أبية، وحضرتك كرئيس للسلطة الفلسطينية في رام الله تنشغل بخلافات داخلية يمقتها الشعب الفلسطيني ويعتبرها جزءا من الهموم التي تثقل كاهله. وفوق ذلك، تحدد موعدا للقاء أولمرت.
أمام الحدث التاريخي ترتقي القيادات وتتصرف كرجال دولة، ولا تنزوي مشيحة بوجهها عن حقيقة ساطعة يراها العالم على شاشات التلفاز في كل لحظة، وتهتف لها جماهير عريضة على اتساع الوطن العربي. في هذه اللحظة التاريخية التي يصنع فيها الشعب الفلسطيني معادلة جديدة للصراع الدائر، علينا جميعا أن نتوجه بجوانحنا وعيوننا وسمعنا وأفئدتنا لكي نفكر بالخطوة التالية نحو الخلاص من العدو. وقتا المآسي والانتصار، يا سيادة الرئيس، ليسا للمناكفات وإنما للوقوف الموقف التاريخي المناسب الذي يدفع بالعجلة إلى الأمام.
لو جلست أمام التلفاز بهدوء وحملت جهاز التحكم تطوف على الشاشات لرأيت المتظاهرين يهتفون ضد إسرائيل وأمريكا، ولرأيت رايات حماس ترفرف عاليا بأيدي الجماهير من المنامة حتى الرباط. أين أنت في هذا المشهد؟ تأتي بعض وسائل الإعلام على ذكرك عندما تتحدث عن دعوة الرئيس مبارك الفلسطينيين للحوار، لكنه ذكر يضيع في خضم الحدث الكبير.
ربما لا يعجبك ما قامت به جماهير غزة، وربما تطعن به، لكن دعك من هذا فالحدث أعظم بكثير من تحيزاتنا الشخصية ويطغى بالتأكيد على رغباتنا. عدوك أو خصمك ليس كله نقيصة، ويخطئ من يظن أن عجلة التاريخ خاطئة ما دامت لا تدور صوبه. أنا أسمع مستشاريك يتحدثون على الشاشة، وأخالك لا تبحث عن الحقيقة إن بقيت لهم مصغيا.
من الناحية التكتيكية، ولو على عيون الناس، كان من المفروض أن تدمج نفسك مع الحدث حتى لا تجلس هناك تنظر إلى متحسرين يقضمون الأظافر، فأنت رئيس سلطة لا أرى أن من الحكمة أن تبقى على هامش الحدث.
ثم أنك تتحدث باستمرار عن الانقلاب والانقلابيين، فهل تظن أن ما تسميه انقلابا قد أتى من فراغ؟ من أعظم الأخطاء التي يقع فيها رجل الدولة أنه يحاول معالجة الأمور بمظهرها الأخير. المظهر الأخير، يا سيادة الرئيس، هو آخر الخطايا أو الأخطاء، ولا بد أن هناك سيلا من الأخطاء والخطايا السابقة التي أدت إليه. فهل تريد أن تزيل القشرة دون أن تلمس العفن؟ أنا كمواطن فلسطيني أريد معالجة الأسباب لكي أقضي على الظاهر. أريد أن أعود إلى الفساد والفاسدين، وإلى التنسيق الأمني مع الصهاينة، وإلى تجاوز بنود الميثاق الوطني الفلسطيني، وتجاوز القانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتعطيل قوانين السلطة الفلسطينية والدوس عليها، وإلى الاقتتال الفلسطيني- الفلسطيني الأخير الذي أودى بحياة حوالي 500 فلسطيني.
القضايا يا سيادة الرئيس كثيرة جدا، ولا تنبش كثيرا عن مساوئ غيرك حتى لا تظهر عليك عورات أصحابك. وإن أردت بهذا الشعب خيرا أرى أن تنفض عنك الغبار وأن ترخي السبيل أمام فلسطينيين من المستقلين المهنيين غير المرتبطين بدول أو منظمات ليفكروا ماذا نحن فاعلون. لو كان في هذه الطواقم الموجودة خير لرأيناه ينبثق أمامنا إلى خير، ولو كان في مفاوضاتك خير لما انحبس عنا حتى الآن. أنا أعلم أنك شخص غير مخادع، وأرى أنه ليس من المناسب لك أن تبقى ضحية للخداع.
إلى السيد محمود عباس
Sunday 03-02 -2008
أسمعك تتحدث عن تراجع حماس عن انقلابها في الوقت الذي يصنع فيه الشعب الفلسطيني حدثا تاريخيا عظيما يتجاوز كل الفصائل الفلسطينية. لأول مرة منذ عام 1967 تت(**)ر الحدود الفاصلة بيننا وبين العرب بإرادة فلسطينية خالصة حرة أبية، وحضرتك كرئيس للسلطة الفلسطينية في رام الله تنشغل بخلافات داخلية يمقتها الشعب الفلسطيني ويعتبرها جزءا من الهموم التي تثقل كاهله. وفوق ذلك، تحدد موعدا للقاء أولمرت.
أمام الحدث التاريخي ترتقي القيادات وتتصرف كرجال دولة، ولا تنزوي مشيحة بوجهها عن حقيقة ساطعة يراها العالم على شاشات التلفاز في كل لحظة، وتهتف لها جماهير عريضة على اتساع الوطن العربي. في هذه اللحظة التاريخية التي يصنع فيها الشعب الفلسطيني معادلة جديدة للصراع الدائر، علينا جميعا أن نتوجه بجوانحنا وعيوننا وسمعنا وأفئدتنا لكي نفكر بالخطوة التالية نحو الخلاص من العدو. وقتا المآسي والانتصار، يا سيادة الرئيس، ليسا للمناكفات وإنما للوقوف الموقف التاريخي المناسب الذي يدفع بالعجلة إلى الأمام.
لو جلست أمام التلفاز بهدوء وحملت جهاز التحكم تطوف على الشاشات لرأيت المتظاهرين يهتفون ضد إسرائيل وأمريكا، ولرأيت رايات حماس ترفرف عاليا بأيدي الجماهير من المنامة حتى الرباط. أين أنت في هذا المشهد؟ تأتي بعض وسائل الإعلام على ذكرك عندما تتحدث عن دعوة الرئيس مبارك الفلسطينيين للحوار، لكنه ذكر يضيع في خضم الحدث الكبير.
ربما لا يعجبك ما قامت به جماهير غزة، وربما تطعن به، لكن دعك من هذا فالحدث أعظم بكثير من تحيزاتنا الشخصية ويطغى بالتأكيد على رغباتنا. عدوك أو خصمك ليس كله نقيصة، ويخطئ من يظن أن عجلة التاريخ خاطئة ما دامت لا تدور صوبه. أنا أسمع مستشاريك يتحدثون على الشاشة، وأخالك لا تبحث عن الحقيقة إن بقيت لهم مصغيا.
من الناحية التكتيكية، ولو على عيون الناس، كان من المفروض أن تدمج نفسك مع الحدث حتى لا تجلس هناك تنظر إلى متحسرين يقضمون الأظافر، فأنت رئيس سلطة لا أرى أن من الحكمة أن تبقى على هامش الحدث.
ثم أنك تتحدث باستمرار عن الانقلاب والانقلابيين، فهل تظن أن ما تسميه انقلابا قد أتى من فراغ؟ من أعظم الأخطاء التي يقع فيها رجل الدولة أنه يحاول معالجة الأمور بمظهرها الأخير. المظهر الأخير، يا سيادة الرئيس، هو آخر الخطايا أو الأخطاء، ولا بد أن هناك سيلا من الأخطاء والخطايا السابقة التي أدت إليه. فهل تريد أن تزيل القشرة دون أن تلمس العفن؟ أنا كمواطن فلسطيني أريد معالجة الأسباب لكي أقضي على الظاهر. أريد أن أعود إلى الفساد والفاسدين، وإلى التنسيق الأمني مع الصهاينة، وإلى تجاوز بنود الميثاق الوطني الفلسطيني، وتجاوز القانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتعطيل قوانين السلطة الفلسطينية والدوس عليها، وإلى الاقتتال الفلسطيني- الفلسطيني الأخير الذي أودى بحياة حوالي 500 فلسطيني.
القضايا يا سيادة الرئيس كثيرة جدا، ولا تنبش كثيرا عن مساوئ غيرك حتى لا تظهر عليك عورات أصحابك. وإن أردت بهذا الشعب خيرا أرى أن تنفض عنك الغبار وأن ترخي السبيل أمام فلسطينيين من المستقلين المهنيين غير المرتبطين بدول أو منظمات ليفكروا ماذا نحن فاعلون. لو كان في هذه الطواقم الموجودة خير لرأيناه ينبثق أمامنا إلى خير، ولو كان في مفاوضاتك خير لما انحبس عنا حتى الآن. أنا أعلم أنك شخص غير مخادع، وأرى أنه ليس من المناسب لك أن تبقى ضحية للخداع.